مع عودة الأعمال في القطاع الخاص تدريجياً إلى وضع يشبه إلى حد كبير ما كان عليه الأمر قبل جائحة كورونا، تتبادر إلى أصحاب العمل والمدراء العديد من التساؤلات حول الترتيبات والإجراءات المثلى لبيئة العمل لعودة الموظفين بشكل تدريجي أو كامل. كما تقع على عاتق إدارتي الشؤون القانونية والموارد البشرية في القطاع الخاص مسؤولية كبيرة في معرفة المتطلبات المهمة لعودة الموظفين بالإضافة إلى بعض الجوانب النظامية التي يتوجب أخذها بالاعتبار في ظل الأوضاع الحالية. وفي هذه المقالة القصيرة نورد إضاءات نظامية موجزة ينبغي التنبه لها:

  • أولى النظام أهمية كبيرة لسلامة الموظفين من كل ما قد يؤثر على صحتهم وسلامتهم. ويتجلى هذا الاهتمام في عدد من المواد التي تؤكد على مسؤولية صاحب العمل فيما يتعلق بصحة وسلامة الموظف وكذلك خلو بيئة العمل من كل ما قد يهدد صحته وسلامته. وفي تطبيق ذلك على الأوضاع الحالية، فإنه من المهم أن يلتزم صاحب العمل بتطبيق البروتوكولات التي أعلن عنها من قبل وزارة الصحة والجهات المختصة فيما يخص عودة الأعمال مثل لبس الكمامات والحرص على تجنب الإزدحام خصوصا في الأعمال التي تتطلب التعامل مع الجمهور. كذلك التعامل مع الموظفين بما يتناسب مع ظروفهم الصحية من حيث الأمراض المزمنة وغيرها من الحالات الصحية التي أعلنت عنها وزارتي الصحة والموارد البشرية والتنمية الاجتماعية والأخذ بعين الاعتبار ترتيبات العمل البديلة كالعمل من المنزل. وفي هذا الصدد، فإننا نُذكر بالمادة (81) من نظام العمل السعودي والتي تنص أن للعامل الحق في ترك العمل دون إشعار مع احتفاظه بحقوقه النظامية كلها عندما يكون هناك خطر جسيم في مقر العمل يهدد صحته أو سلامته، وذلك عندما يكون صاحب العمل قد علم بوجود هذا الخطر ولم يتخذ من الإجراءات ما يدل على إزالته. فلو افترضنا مثلاً اكتشاف حالة إيجابية لمرض كورونا المستجد عند أحد الموظفين وعلم بذلك صاحب العمل أو المدير المسؤول، فإن للموظفين الحق في ترك العمل إلى حين اتخاذ الإجراءات المناسبة لإزالة ما يشكل خطراً على صحتهم كتعقيم المكاتب على سبيل المثال أو الأدوات والآلات التي يستخدمها الموظفين وغير ذلك من الإجراءات اللازمة.
  • في ظل هذه الظروف وتخوف الناس المستمر من إصابتهم بفايروس كورونا المستجد، فلابد لصاحب العمل والمدير المسؤول أن يدرك حجم الخطر ومدى القلق الناشئ لدى الموظفين مما يستدعي تكثيف التواصل معهم فيما يتعلق بالإجراءات والاحتياطات اللازمة في بيئة العمل أو أثناء تأديته. كما يلزم على صاحب العمل توفير المواد الأساسية الخاصة بحماية الموظفين والمراجعين مثل المعقمات والكمامات. إضافة لذلك، فإن على صاحب العمل والمدراء تفهم الظروف المختلفة للموظفين في ظل هذه الجائحة تجنبا لاتخاذ إجراء إداري أو تأديبي قد لا يعد مناسباً أو نظامياً بالنظر إلى الظروف المحيطة مما قد يؤثر سلباً على الموقف النظامي لصاحب العمل في أي دعوى عمالية تنشأ بسبب هذا الإجراء. وفي هذا الصدد نشير إلى المادة (141) من نظام العمل السعودي التي تلزم صاحب العمل بحفظ منشأته في حالة صحية ونظيفة.
  • في حال كان صاحب العمل يوفر مسكنا لعماله، فإنه من المهم التنبه للتعليمات التي أصدرتها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية الخاصة بالاشتراطات الصحية لمساكن العمال مثل منع تكدس العمالة داخل السكن وتوفير المعقمات بالإضافة إلى التأكد من رصد العمال أثناء الدخول والخروج للسكن من أجل الفحص ومراقبة الأعراض.
  • إن مما لا شك فيه أن هذه الجائحة قد كان لها أثر اقتصادي عميق على مختلف المنشآت وبدرجات متفاوته مما أدى في بعض الأحيان إلى تقليص الأعمال أو إلغائها تماما مما قد يترتب عليه إنهاء عقود الموظفين. وفي هذا الصدد فنؤكد على أهمية التنبه إلى الجوانب النظامية لإنهاء عقود العاملين من خلال مراجعة الشروط والأحكام المضمنة في عقود العمل وكذلك المواد النظامية التي تحكم حالات إنهاء الخدمة. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن الفقرة السابعة من المادة (74) تشير إلى إنهاء الخدمة عند إنهاء النشاط الذي يعمل فيه العامل ما لم يتفق على غير ذلك. وهنا يجب التنبه إلى أن إنهاء النشاط الذي لا يؤدي إلى الاستغناء عن جميع الموظفين المرتبطين به قد يؤدي إلى نشوء دعاوى عمالية. وعليه، فإن على صاحب العمل في هذه الحالة أن يتبع معايير موضوعية في تحديد من يتم الاستغناء عنهم تبعا لإنهاء النشاط وذلك تجنباً لدعاوى الضرر أو عدم المساواة بين الموظفين. ومما يجدر ذكره هنا أيضا القرار الوزاري الصادر مسبقا بشأن منع المنشآت العملاقة والكبيرة والمتوسطة من فصل العاملين السعوديين بشكل جماعي والذي يمنع إجراءات إنهاء الخدمة لعدد كبير من موظفي المنشأة السعوديين بما يتجاوز 1% من موظفي المنشأة أو عشرة موظفين أيهما أكثر ولسبب لا يعود للموظفين إلا بعد إخطار مسبق لمكتب العمل لا يقل عن ستين يوما قبل موعد سريان قرار الفصل.
  • أخيراً، فإن رفع الدعاوى العمالية هو حق مكفول لكل موظف وعليه فإن على صاحب العمل وفريق مدراءه الحرص على توثيق التعاملات المختلفة مع الموظفين بشكل كتابي والحرص على توعية الموظفين بمسؤولياتهم وواجباتهم فيما يتعلق بمواجهة هذه الجائحة وتطبيق كل البروتوكولات المهمة في بيئة العمل وأثناء التعامل مع العملاء وغيرهم ممن يرتبط ببيئة العمل. كما يتوجب على صاحب العمل متابعة موظفيه فيما يخص تطبيق هذه البروتوكولات والترتيبات المختلفة والقيام بمحاسبة من يثبت مخالفته لهذه التعليمات ضمن حدود نظام العمل. وهنا نذكر بما تضمنته المادة (66) من نظام العمل بخصوص الإجراءات التأديبية التي يمكن تطبيقها على الموظفين وكذلك المواد (69) و (71) الخاصتين بإجراءات التحقيق مع من يخالف هذه التعليمات من الموظفين.

تنويه: إن الغرض من هذه المقالة نشر المعرفة العامة والتوعية وهي لا تمثل بأي حال من الأحوال مشورةً قانونية أو رأياً يخص حالة معينة فلكل حالة أو قضية ظروف خاصة يجب دراستها لإبداء الرأي حيالها.كما أن هذه المقالة لا تغني عن قراءة المصادر الرسمية لجميع  الأنظمة والتعليمات ذات العلاقة. والمكتب لا يتحمل أي مسؤولية تجاه أي ضرر أو إجراء أو قضية قد تنشأ بسبب هذه المقالة.